الشيخ مندني .. منظِّف السجون من القضايا المالية
أقرب وصف اليه «منظِّف السجون من اصحاب القضايا المالية» عايش السجناء في عنابرهم، ولما اختمرت الفكرة انشأ صندوق لجان التكافل، لكن بعد سنوات اكتشف بالممارسة ان المشكلة ليست هناك، بل في وزارة العدل وبين اجنحة المحاكم وعند القضاة، ومنذ ذاك اليوم وهو يوزع اهتماماته والفريق الذي يعمل معه على اسر السجناء والمحكومين ومساعدتهم، خاصة النساء منهم، وكان على الدوام ” وجها في الاحداث " .
* بعد ان شاهد برنامج محمد السنعوسي عام 1998 عندما ادخل كاميرا التلفزيون الى السجن العمومي، وراح يشخص حالات السجناء اصحاب الشيكات بدون رصيد، اهتزت مشاعره، وزادتها يوم التقى بأحد اصدقائه في سجن طلحة، وهناك كانت الفكرة والمشروع.
*يعتقد بان الانسان مخزن من الافكار، تأتي نتيجة جملة من المؤشرات، ونجاح تطبيقها مرهون بالايمان بها والاخلاص لها، والفيصل فيها هو تطبيقها على الواقع، وعندما تطرح فكرة الالتقاء «بمجرمين» تثير عند العامة اسئلة تدخل في باب «المحرمات»، لكنها تتحول عند صاحبها الى نوع من التحدي، وهكذا صارت عند «الشيخ مندني" .
*يعمل في المجال الخيري منذ العام 1970، ساقته الاقدار إلى ان يزور صديقا في السجن العمومي متهما بقضية مالية، وهناك قرر ان يترك بصمة في حياة هؤلاء، ومن لحظتها التقى بمدير السجن، وسمح له بوضع مكتب بين عنابر السجناء، وخلال شهر اقام انشطة متعددة والعاب رياضية ودوري بالعنابر ومسابقات ثقافية وحفظ للقرآن.. لتظهر النتائج ايجابية ويستمر بالتواصل معهم.
*خلال سنتين من تواجده بين عنابر السجناء، خرج بدراسة شاملة رسمت له الفكرة وكيفية تنفيذها، بعد ان قام بتأثيث المكتب على نفقته، واصبح وجها مألوفا لدى السجناء ومدير السجن، ليخرج بمشروع انشاء صندوق للتكافل لرعاية السجناء يتبع لجمعية الاصلاح الاجتماعي، واستمر هذا الصندوق لغاية عام 2005 اي لمدة خمس سنوات، وراح الناس دائنون ومدينون بالتوجه الى جمعية الاصلاح، بحثا عن حل لمشاكلهم.
*انفصل عن جمعية الاصلاح، وذهب الى وكيل الشؤون السيد محمد الكندري يطلب منه انشاء جمعية نفع عام مستقلة، ووفق شروط الوزارة يومها سمع الوكيل يقول «يا بو احمد الفكرة صار لها عشرين سنة حبيسة رأسي، اتمنى ان تكون هناك جمعية "مختصة بالسجناء"، وبالفعل يوم الاول من سبتمبر عام 2005 اشهرت باسم جمعية التكافل.
*عشرون سنة، وهو يعمل في المقاولات، اعمال بناء، وهي مهنة اكسبته الصبر على المشاق. وفي سنة 1998 جاءته فكرة مساعدة السجناء، ليبدأ التخلص من عمل المقاولات شيئاً فشيئاً، وفي سنة 2000 اتخذ القرار الصعب والمصيري بعد مناقشته مع زوجته واولاده.. وكان يوم التفرغ الكامل للجمعية، والتقاعد من الوظيفة.
انضم إلى جمعية الاصلاح الاجتماعي، وهو على مقاعد الدراسة في المرحلة الثانوية، واستمر عضوا فيها ولا يزال. عاصر ثلاثة رؤساء، يوسف الحجي، وعبد الله العلي المطوع، وحمود الرومي، وفي سنة 1984 اسندت إليه رئاسة لجنة الحج في الجمعية (1985 – 2000) .
*عمر الجمعية منذ التأسيس والى اليوم 13 سنة، صرفت مبلغ اربعة ملايين ومائة الف دينار لمساعدة ستة آلاف حالة من السجناء، والموقوفين والضبط والاحظار والمبعدين، وبذلك اصبحت في مصاف الجمعيات الكبرى التي مضى عليها عقود، كالاصلاح والنجاة والعون وغيرها، فما أنجزته على أرض الواقع يؤكد مصداقيتها ونجاحها.
*اقرب الالقاب إليه "الشيخ مندني"، فالاسم من علامات الاصلاح، وان وجد من يناديه «بالريس» نسبة الى ترؤسه مجلس الادارة المؤلف من سبع اعضاء، او {الدكتور}، نظرا إلى شهادته الجامعية العليا، وعنده ان الشهادة يأخذها الإنسان لتطوير حياته والرئاسة عبء على من يثق الناس فيه، أما من يحمل لقب الشيخ فهو يتشبَّه بالصالحين.
*لديه معرفة تامه بالسجون وعنابرها، وعندما تسأله عن مواقعها يعددها لك، من السجن العمومي الذي يؤوي أصحاب القضايا المالية «جنح» والسجن المركزي، قضايا جنايات، وسجن النساء، وفيه جنح وجنايات، وسجن الابعاد (طلحة) لمخالفي القوانين والاقامات، وسجن يتبع للشؤون، هو سجن الاحداث لمن تقل أعمارهم عن 18 سنة.. وهذه الخلفية تراكمت عنده في المرحلة الاولى من الانطلاق.
*يتفرغ لانشطة الجمعية التي يعمل بها 25 موظفا وإداريا يتقاضون رواتب شهرية، والتي تجاوزت سمعتها وخبرتها حدود الكويت، ويفرح عندما يتم تصديرها للخارج، وانتشارها خارج الحدود يبدأ من ألبانيا التي تأسست فيها جمعية لرعاية السجناء، تتولى 32 سجناً في عموم البلاد، كذلك الحال في اليمن، ثم في البحرين (2007)، وقطر (2008)، والإمارات العربية المتحدة. وفوق هذا حصدت عام 2009 جائزة من حاكم الشارقة د. سلطان القاسمي بكونها أفضل جمعية قامت بعمل خدمي مميز في المجتمع المدني.
*عام 2006 انتقلت انشطة الجمعية من داخل السجون الى داخل المحاكم، وبات السؤال، من هم الذين يعرضون على القضاة؟ ولماذا سجنوا؟ وما هي قضاياهم المالية، ليجد «الشيخ مندني» ان ما يبحث عنه موجود في إدارة التنفيذ بوزارة العدل، والقريب من القضاة، ووفق الارقام المتوافرة هناك اليوم حوالي 70 الف حالة مدنية عليهم احكام، ومطلوبون للسجن.
*أدخل القضاة في العمل الخيري، فقد ذهبت «التكافل» بصفتها تقديم خدمة انسانية من دون التدخل في اعمال القضاة، أي ان الملفات والحالات يتم مساعدتها بعد صدور الأحكام عليها، وهناك حالات تستدعي المساعدة قبل صدور الحكم، بحيث تتقدم الجمعية بدفع مبلغ إلى المتعسر، وهو ما يساهم بايصال الحق لصاحبه من قبل القاضي.
*فتح نافذة جديدة وبالاتفاق مع وزارة العدل على من يحكم عليه بقضايا مدنية وفي حالة الضبط والإحضار، خصوصاً من النساء، فالجمعية تقوم بالمساعدة ووفق شروط معينة ودون التمييز بين كويتي وبدون أو وافد، وإن كانت دائماً تعطي الأفضلية للنساء المحكومات لارتباط ذلك بالأسرة وتماسكها والحفاظ عليها.
*يتمنى على المستوى الشخصي أن يعيش في «الجنة التي يبحث عنها» بين الكتب الإسلامية، كتب التفسير والسيرة والفقه، فهذه المعارف قد "تنقذنا من التخلف بثقافتنا الإسلامية".
*الشيخ مندني عمل في بلدية الكويت بعد التخرج من الجامعة، ثم انتقل إلى وزارة التربية في إدارة المشتريات، وفي هذه الأثناء كان يعمل بالمقاولات الحرة، إلى أن تقاعد وتفرغ للعمل الخيري ومساعدة السجناء وأسرهم ومن في حكمهم، ليترك بصمته ويحقق فكرة راودته عندما زار صديقاً له في السجن.
لا يتقاضى أي فلس :
*يؤكد الشيخ مندني انه لا يتقاضى أي فلس مقابل عمله كرئيس لمجلس إدارة جمعية التكافل، فهذا عمل تطوعي خالص، وان كان القرآن يجيز الحصول على مكافأة، فمن ظن ان الذي يعمل في المجال الخيري يحرم عليه اخذ مقابل فهو مخطئ، علما ان اعضاء مجالس ادارة الجمعيات التعاونية وفقا لقرارات الشؤون يحق لهم تقاضي راتب، في حين ان اعضاء مجالس ادارات جمعيات النفع العام يمنع عليهم هذا.
الاستعانة بخبراته :
*الشيخ مندني صار مطلوباً للاستعانة بخبراته، فعندما تأسس صندوق المتعثرين عام 2009، استدعته وزارة المالية للوقوف على تجربته، وعندما تبرع سمو الشيخ سالم العلي بمبلغ كبير من المال لمساعدة المتعثرين مالياً، كان له دور في الحالتين وفائدة، أيضاً، لأنه يخفف العبء عن الجمعية التي يرأسها والأعباء المالية التي يتوجب عليه الإيفاء بها.
السيرة الذاتية :
● مساعد محمد عبدالرحمن مندني.
مواليد 1956.
*متزوج ولديه خمسة أبناء.
*حاصل على دبلوم تجاري (1980) وبكالوريوس في القانون من جامعة هيل الأميركية (2002) وماجستير في الديانات من جامعة كلايتون الأميركية (2007) ودكتوراه فلسفة من الجامعة الأميركية بلندن (2010)
*عمل في بلدية الكويت كاتباً إدارياً (1979/1975) وباحثاً منتدباً للأمانة العامة للأوقاف (1997/1980) ومشرف إدارةالمشتريات في وزارة التربية والتعليم (2000/1980) .
*مارس أعمال التجارة الحرة في المقاولات (2000/1980) .
*انضم لجمعية الإصلاح الاجتماعي عام 1970، وتولى رئاسة حملات الحج فيها (1998/1978)، ثم شغل رئيس لجنة رعاية السجناء (2004/2000) بالجمعية وعمل بلجان الزكاة.
*رئيس صندوق رعاية السجناء (2006/2004) ورئيس مجلس إدارة جمعية التكافل (2006/وما زال) .
*أعد مجموعة أبحاث وإصدارات، منها تجربة جمعية التكافل، ودراسة توثيقة وقصص واقعية داخل السجون.
*قدّم العديد من الدورات في مجال رعاية السجناء، وحصل على دورات بالتأهيل المهني والخطابة والتنمية البشرية، ونال شهادات وجوائز تكريم وتقدير.
*عضو في مؤسسات ومنتديات محلية وعربية ودولية في المجال الدعوي والإنساني.